استراتيجية التعلم النشط Active Learning

التعلم النشط

أحدث التعلّم المتمحور حول الطلبة نقلة نوعية من التعليم والتدريس إلى التعلّم والإنتاج. تأملوا المهارات التي أصبح الأفراد يحتاجونها للعيش ضمن مجتمعاتهم، ما دور المدارس في تنمية هذه المهارات وإعداد أفراد مواكبين للتطور وملبيين لحاجات المجتمع المطلوبة والمتغيرة؟

 سنجمع جميعنا على إجابة واحدة، أنه أصبح من الضروري لمدارسنا مواكبة التطور والحاجات الجديدة وتلبيتها عن طريق تعليم أجيال يتسلحون بمهارات تؤهلهم لمواكبة الجديد، لذلك زاد الاهتمام بالطرق التي تؤثر على بنية الطلبة المعرفية مثل التعلّم النشط وطرق توظيفه في الغرفة الصفية.

هنالك العديد من التساؤلات التي تحيط التعلم النشط ومنها: ما هو التعلم النشط؟ وما هي فوائده العائدة على العملية التعليمية التعلمية؟ وهل يتطلب من المعلمين والطلبة عند تطبيقه القيام بأدوار جديدة؟ وما هي هذه الأدوار؟ جميع هذه التساؤلات سيتم الإجابة عنها من خلال وضع التعلم النشط تحت عدستنا المكبرة ضمن هذا المقال، فهل أنتم على استعداد لإمعان النظر بالتعلم النشط؟ وهل تملكون الفضول الكافي لتعرف على كافة تفاصيله؟ إذا كانت إجابتكم نعم، ننصحكم بالنزول بالمؤشر إلى العناوين الآتية هيا بنا.

مفهوم التعلم النشط

من أهم التعريفات الدقيقة لمفهوم التعلّم النشط ما طرحه لورنزن (Lorenzen, 2006) حيث يرى فيه طريقة لتعليم الطلبة بشكل يسمح لهم بالمشاركة الفاعلة في الأنشطة التعلّمية التعليمية، بحيث تأخذهم تلك المشاركة إلى ما هو أبعد من دور المستمع السلبي، إلى أخذ زمام المبادرة في الأنشطة المختلفة.

 وطرحت جامعة نيو هامبشير الأمريكية (New Hampshire University) تعريفاً للتعلّم النشط على أنه عبارة عن تحمّل الفرد للمسؤولية كي يُعلّم نفسه بنفسه، ويُطوّر عادات عقلية واستراتيجيات دراسية تُمثّل في نهاية المطاف وسائل أو أساليب لتحقيق الأهداف الخاصة به.

 لنتفق أعزاءنا القرّاء ان توظيف التعلم النشط سيكون كفيلًا بأن تكون إجاباتكم عن الأسئلة السابقة، نعم، وخلال هذه المقال ستتعرفون أكثر على هذه الاستراتيجية وما تحمله في جعبتها من مفاجآت تعود على مستخدميها بالفائدة المرجوة، لذلك ندعوكم أيضًا لقراءة مقال: كيف تستخدمون التعلم النشط مع طلبتكم؟

أهداف التعلم النشط

تضم جعبة التعلم النشط العديد من الأهداف التي يسعى المعلمون على مدار العام الدراسي لتحقيقها، والتفاخر بإنجازها خاصة أمام الزملاء في المدرسة، ومن هذه الأهداف الآتي:

  • تفعيل دور الطلبة.
  • الاحتفاظ بالمعلومات في ذهن الطلبة لفترة أطول.
  • انتقال أثر التعلّم.
  • تنمية مهارات التفكير العليا. اقرأ مقال: مهارات التفكير.
  • إعداد المتعلم للحياة.

مبادئ التعلم النشط

للتعلم النشط سبعة مبادئ، بالرغم من أن هذه المبادئ قد تبدو طويلة من حيث عددها والشرح الخاص بها، ولكن عند استعراضها وقراءتها بتمعن ستكون سهلة الفهم وسهلة التطبيق، ومن مبادئ التعلم النشط التي أحببنا مشاركتها معكم الآتي:

  1. اعتبار الطلبة مستقلين من جهة ومستقصيين من جهة أخرى، فالنظر إلى الطلبة خلال عملية التعلّم على أنهم أشخاص مستقلين ينفرد كل منهم عن غيره في القدرات والاهتمامات والحاجات والميول يُحتّم التنويع في المواد والمصادر من جهة، وتشجيع الطلبة على تقصي الأمور واستكشافها بأنفسهم أو بمعاونة زملائهم من جهة ثانية.

  1. التركيز على اهتمامات الطلبة المفيدة المتعلّقة بالمواضيع الدراسية، فالأنشطة المختلفة تساعد على مراعاة الاهتمامات المختلفة لدى الطلبة، مما يراعي في الوقت نفسه أحد الأسس المهمة للتعلّم بصورة عامة، وهو مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة.

  1. ربط مواقف التعلّم النشط بالمعارف السابقة للطلبة، وهذا يتطلب المعرفة الجيدة بالطلبة وخبراتهم السابقة، ويتطلب أيضاً تخطيطاً دقيقاً لمجريات التعلّم النشط، حتى تصبح عملية التعلّم الجديدة أكثر سهولة ويسراً وفهماً، في ضوء تطبيق ما يسمى بانتقال أثر التعلّم (Transfer of Learning).

  1. تَوفرّ عنصر الاختيار وعنصر التحدّي، فإتاحة الفرصة للطلبة كي يختاروا من فعاليات التعلّم النشط العديدة ما يناسب قدراتهم وحاجاتهم وميولهم يُمثّل دعامة لنجاح التعلّم، وفي الوقت نفسه يُمثّل التحدّي في مواجهة الصعوبات عنصراً آخر يُركّز عليه التعلّم النشط لأنه يُشجّع الطلبة على تحمّل المسؤولية، وإجراء كل ما يستطيعون القيام به لحل المعضلات التي تواجههم يومياً. أيها القرّاء الأعزاء تأملوا التساؤلات الآتية: ماذا لو ترك لكم فرصة الاختيار من الأعمال الموكلة إليكم من قبل المدراء والمسؤولين عنكم، كيف سيكون إنجازكم؟ وما هو شعوركم؟ وكيف ستكون طاقتكم وشغفكم للقيام بالأعمال المستقبلية؟

  1. اعتبار المعلمين ميسرين لعملية التعلّم ومشاركين للطلبة، فدور المعلمين كمصدر المعرفة لم يعد يناسب عصرنا الحالي حيث لا بد من التعاون مع الطلبة، والتشارك مع الطلبة في عملية التعلّم، وتيسير المواقف التعلّمية من خلال توفير المواد، وطرح الأسئلة المثيرة للتفكير، وتوجيه الطلبة عند الحاجة.

  1. التركيز على التفاعل الاجتماعي والحوار حيث أن التعلّم النشط يتيح فرصة للطلبة للتدرّب على الحياة اليومية عن طريق التفاعل مع بعضهم البعض.

  1. الاعتماد على كل من التعاون، والتفاوض، والتأمّل، كأسس مهمة للتعلّم النشط حيث لا يمكن نجاح التعلّم النشط بدون التعاون الحقيقي بين المعلمين والطلبة، وبين الطلبة أنفسهم. أما التأمّل فهو مطلب أساسي للتعلّم النشط لأنه يقوم على التفكير المعمق من جانب الطلبة في كل ما يمرون به من خبرات تعلمية نظرية وعملية، حتى لا يتم فهمها من جانبهم فحسب، بل ويقتنعون أيضاً بأهميتها لهم وجدواها في الحياة العامة.

عناصر التعلم النشط

  1. عنصر الحديث والإصغاء: ذلك لأن الكلام يُعبّر عن التفكير وهذا يعني أنه عندما نُعبّر عن أنفسنا بصوت مرتفع، فإن لدينا توجّهًا لاستخلاص الأفكار وتنظيمها. فاستخدموا أسلوب العصف الذهني لدعم هذا العنصر المُتمثّل في الحديث والإصغاء معاً. وللتأكّد من مشاركة الطلبة، اطلبوا من أحد الطلبة، أن يُقدّم فكرة ما ويوضّحها للآخرين، ثم يقوم بدور المُصغي بعد ذلك في طرح الأسئلة أو التعقيب على الأفكار المذكورة، سواء بالنقد أو الإضافة، وهكذا على التوالي، حتى يتحدث الجميع في أوقات معينّة، ويُصغي الجميع في أوقات أخرى.
  1. عنصر الكتابة: تُؤكّد الأبحاث على أن الكتابة تُوضّح ما يفكر به الفرد، فالكتابة تسمح للطلبة باستكشاف أفكارهم والتوسع فيها، وهي تخدم التعلّم النشط عندما تسمح للطلبة بالغوص في أعماق تفكيرهم، وتعمل على تنميتهم وتطويرهم، وليس عندما تسمح لهم بإعادة أفكار الآخرين. وهناك العديد من الأساليب التي تدعم هذا العنصر ومن أهمها أسلوب (فكر-ناقش-شارك) حيث يتم طرح سؤال على الطلبة، وكتابة ما يجول في خواطرهم للإجابة عنه، ثم الطلب من الطلبة التوقف عن الكتابة، وتشكيل مجموعات صغيرة، لتبادل ما كتبوه من أفكار، ثم طرح ذلك على طلبة الصف جميعاً.
  1. عنصر القراءة: تتطلب القراءة فهم ما يفكر به الآخرون، وهذا يستلزم أن يفهم الطلبة جيداً القراءة الناقدة التي تتطلب عملية إمعان النظر بدقة، وتجميع الأفكار، وتلخيص المعلومات، وفهم مجريات الأمور، وربط النقاط ببعضها البعض، وتحديد الأخطاء المنطقية والرسائل المخفية، وتحديد الأولويات. قوموا بتزويد الطلبة بأسئلة معينّة قبل القراءة، والطلب منهم تلخيص ما قاموا بقراءته كتابياً أو شفوياً كذلك أخذ الملاحظات وتدوين الأفكار الرئيسة، وتحديد الكلمات المفتاحية خلال القراءة.
  1. عنصر التأمل والتفكير: من المهم أن نُوفّر للطلبة الوقت كي يفكروا ويتأملوا بأية مادة تعليمية جديدة أو أي موضوع دراسي جديد يُطرح عليهم لأول مرة، ففترة التأمّل هذه تسمح للطلبة بفرز المعلومات وتصنيفها وفهمها بعمق، مع التفكير السليم في ربطها جيداً بما لديهم من معلومات ومعارف سابقة، وبناء وتركيب معارف ومعلومات جديدة أكثر عمقاً. وتُمثّل المذكرات اليومية طريقة متميزة لتشجيع التأمل والتفكير.

فوائد التعلّم النشط

  • يُنمّي الثقة بالنفس والمقدرة على التعبير عن الرأي.
  • يُنمّي الرغبة في التعلّم حتى الإتقان.
  • يُنمّي القدرة على التفكير والبحث.
  • يُعوّد الطلبة على اتباع قواعد العمل.
  • يُنمّي اتجاهات وقيم إيجابية عند الطلبة.
  • يُساعد على إيجاد تفاعل إيجابي بين الطلبة.
  • يُعزّز روح المسؤولية لدى الطلبة.
  • يُعزّز التنافس الإيجابي بين الطلبة.

بعد قراءة هذه الفوائد، هل تطبيق التعلم النشط لوحده كافيًا لتحقيق هذا الكم من الفوائد لتعليم الطلبة؟ أما أن العلاقة الجيدة بينكم وبين طلبتكم كفيلة بتمهيد الطريق لتقبل الجديد وتطبيق استراتيجيات وأنشطة متنوعة مع الطلبة بكل ثقة؟ الإجابة بالتأكيد نعم، دون تردد، فاسعوا دائمًا إلى بناء علاقات جيدة مع طلبتكم، شجعوهم، حفزوهم، اهتموا بتفاصيلهم، ركزوا على اهتماماتهم، لا تتجاهلوا فكرة أن الطلبة هم الأساس، وهم نقطة الانطلاق نحو التميز والنجاح.

دور المعلمين والطلبة في التعلم النشط

دور المعلمين والطلبة في التعلم النشط          

دور المعلمين في التعلم النشط

تأملوا العناوين السابقة التي تعرفتم من خلالها على التعلم النشط، هل سيُفاجئكم التعلم النشط بأدوار جديدة يجب عليكم القيام بها؟ هل هذه الأدوار الجديدة بعيدة عن كفاياتكم كمعلمين في الحقل التربوي؟ وماذا عن الطلبة هل سيزيد توظيف التعلم النشط من مساحة أدوارهم في العملية التعليمية التعلمية؟

 تتمثل الإجابة عن التساؤلات السابقة بنعم، وسندرج لكم قائمة بالأدوار الخاصة بالمعلمين والطلبة عند توظيف استراتيجية التعلم النشط كالآتي:

  • تصميم الأنشطة والمواقف التعليمية.
  • دعم عملية إشراك جميع الطلبة في أنشطة التعلّم النشط. اقرأ مقال: أساليب تطبيق التعلم النشط.
  • تدريب الطلبة على كيفية الوصول إلى المعرفة.
  • طرح الأسئلة التي تشجع على التأمل والتفكير وتوظيف المعارف المختلفة وحل المشكلات.
  • مساعدة الطلبة على ربط التعلم بخبراتهم السابقة.
  • زيادة دافعية الطلبة للتعلم.
  • تحديد الزمن وتوزيع المجموعات.
  • إجراء تقويم تكويني وإعطاء تغذية راجعة للطلبة.

دور الطلبة في التعلم النشط

  • البحث عن المعلومة من مصادر متعددة
  • التعاون مع الزملاء في تنفيذ الأنشطة.
  • طرح أسئلة وأفكار وآراء جديدة.
  • التأمل وحل المشكلات. اقرأ مقال: استراتيجية حل المشكلات.
  • تحمل مسؤولية تعلمهم ذاتيًا.
  • إجراء التجارب.
  • الذهاب في رحلات ميدانية حقيقة أو افتراضية.
  • إعداد مقاطع فيديو.

نصائح للمعلم عند تصميم الأنشطة الصفية في التعليم النشط

عند تصميم النشاط الصفي في التعلم النشط احرصوا على أن يؤدّي النشاط إلى الآتي:

  • إثارة التفكير لدى الطلبة.
  • إثارة دافعية الطلبة للتعلّم.
  • مراعاة الفروق الفردية والسماح للطلبة بالتقدّم حسب قدراتهم.
  • نقل أثر التعلّم وترسيخ الفهم العميق.
  • تشجيع الطلبة على الانتقال من الخيال إلى الواقع.
  • ربط الأنشطة الصفية بالتعلم الواقعي.
  • جمع التغذية الراجعة الفورية حول تطبيق الأنشطة الصفية من قبل الطلبة.

شاركوا هذه النصائح مع زملائكم لتقديم تجربة تعليمية تعلمية نشطة، وتذكروا دائمًا أن ما سيعلق بذاكرة طلبتكم كيف جعلتموهم يشعرون اثناء تعلمهم، وفي حصصكم، وعند تحفيزكم وتشجيعكم لهم على التعلم، فلن يكون هنالك تعلم حقيقي وفاعل دون علاقة مميزة مع الطلبة.

 

[read more]

المراجع

[/read]

 

أحدث المواضيع